فَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ وَغَيره تدل على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَاشِيًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ رِوَايَة أَبى الزبير عَن جَابر لهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُقْحَمَةً أَوْ مُدْرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابِيِّ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَو أَنه عَلَيْهِ السَّلَام طَاف بَين الصَّفَا والمروة بعض الطوفان عَلَى قَدَمَيْهِ، وَشُوهِدَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، فَلَمَّا ازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَكَثُرُوا رَكِبَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي قَرِيبًا.
وَقَدْ سَلَّمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ بِالْبَيْتِ كَانَ مَاشِيًا، وَحَمَلَ رُكُوبَهُ فِي الطَّوَافِ عَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَأَوَّلَ قَوْلَ جَابِرٍ: حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَّمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ.
بِأَنَّهُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا، فَإِنَّهُ إِذَا انْصَبَّ بِعِيرُهُ فَقَدِ انْصَبَّ كُلُّهُ وَانْصَبَّتْ قَدَمَاهُ مَعَ سَائِرِ جَسَدِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الرَّمَلِ يَعْنِي بِهِ رَمَلَ الدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ جِدًّا.
وَاللَّهُ أعلم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى، حَدثنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رمل بِالْبَيْتِ وَأَن ذَلِك من سنته (?) .
قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا.
فَقُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، رَمَلَ رَسُول الله، وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ (?) ، فَلَمَّا صالحوه على أَن يحجوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيُقِيمُوا بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لاصحابه: ارملوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا.
وَلَيْسَ بِسنة.