فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.

وَيُسْتَغْرَبُ مِنْهُ رِوَايَةُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ.

وَلَعَلَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَاعْتَقَدَ الرَّاوِي أَنَّهَا مُتْعَةُ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هِيَ مُتْعَةُ النِّسَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أُولَئِكَ الصَّحَابَةِ رِوَايَةٌ فِي النَّهْيِ عَنْهَا.

أَوْ لَعَلَّ النَّهْيَ عَنِ الْإِقْرَانِ (?) فِي التَّمْرِ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَاعْتَقَدَ الرَّاوِي أَنَّ الْمُرَادَ الْقِرَانُ فِي الْحَجِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

أَوْ لَعَلَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا قَالَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نهى عَن كَذَا، فبناه بِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَصَرَّحَ الرَّاوِي بِالرَّفْعِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِي كَانَ يَنْهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ إِنَّمَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ على وَجه التَّحْرِيم والحتم، كَمَا قَدَّمْنَا.

وَإِنَّمَا كَانَ يَنْهَى عَنْهَا لِتُفْرَدَ عَنِ الْحَجِّ بِسَفَرٍ آخَرَ، لِتَكْثُرَ زِيَارَةُ الْبَيْتِ.

وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَهَابُونَهُ كَثِيرًا، فَلَا يَتَجَاسَرُونَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ غَالِبًا، وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يُخَالِفُهُ فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا.

فَيَقُولُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَن تقع عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ! قَدْ فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَسُنَّةُ رَسُولِ الله تتبع أَو سُنَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ !

وَكَذَلِكَ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَى عَنْهَا، وَخَالَفَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ: لَا أَدَعُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.

وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ ينزل قُرْآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015