وَقَوْلُهُ: " فَقَدَّمَ الْحَجَّ الَّذِي يَخَافُ فَوْتَهُ وَأَخَّرَ الْعُمْرَةَ " لَا يَلْتَئِمُ مَعَ أَوَّلِ الْحَدِيثِ: " أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ".
فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَهَلَّ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ وَقَدَّمَ أَفْعَالَ الْحَجِّ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِفْرَادِ، فَهُوَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ هَاهُنَا.
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِهَا، فَهَذَا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعلمَاء صَار إِلَيْهِ.
وَإِن أَرَادَ أَنه اكْتفى بِأَفْعَالِ الْحَجِّ عَنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَدَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ، فَهَذَا قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقِرَانِ، وَهُمْ يُؤَوِّلُونَ قَوْلَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَيْ أَفْرَدَ أَفْعَالَ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى مَعَهُ الْعُمْرَةَ.
قَالُوا: لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْقِرَانَ كُلُّ مَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
* * * رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْإِفْرَادِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَن أَبى سُفْيَان، عَن جَابر ابْن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّته بِالْحَجِّ.
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ، قَالَ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي حَجَّتِهِ بِالْحَجِّ لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ.
وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ غَرِيبَةٌ جِدًّا.
وَرِوَايَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَحْفَظُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ، قَالَ: وأهللنا بِالْحَجِّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ،