لَمْ يَقَعْ مِنْهُ بِمَكَّةَ إِلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، فَهُوَ بَعِيدٌ.
فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ بَعْدَ الرِّسَالَةِ يَحْضُرُ مَوَاسِمَ الْحَجِّ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى اللَّهِ وَيَقُولُ: " مَنْ رَجُلٌ يُؤْوِينِي حَتَّى أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ ربى عزوجل ".
حَتَّى قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ جَمَاعَةَ الْأَنْصَارِ يَلْقَوْنَهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، أَيْ عَشِيَّةَ يَوْمِ النَّحْرِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَتَالِيَاتٍ، حَتَّى إِذَا كَانُوا آخِرَ سَنَةٍ بَايَعُوهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، وهى ثَالِث اجْتِمَاعهم بِهِ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدَهَا الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ.
كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي مَوْضِعِهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فَاجْتَمَعَ بِالْمَدِينَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ لِأَرْبَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ صَلَّى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا أَخَذَتْ بِهِ فِي الْبَيْدَاءِ لَبَّى وَأَهْلَلْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ.
وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِطُولِهِ.
وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهَذَا لَفْظُ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد بِهِ.