قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ أَسْلَمُوا وَجَوَّزَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنَ جَوَائِزَهُمْ.
وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ قَدْ خَلَّفَهُ الْقَوْمُ فِي رِحَالِهِمْ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا، فَقَالَ قَيْسُ ابْن عَاصِمٍ - وَكَانَ يَبْغُضُ عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ -: يَا رَسُول الله إِنَّه كَانَ رَجُلٌ مِنَّا فِي رِحَالِنَا وَهُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ.
وَأَزْرَى بِهِ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَعْطَى الْقَوْمَ.
فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ قَيْسًا قَالَ ذَلِكَ، يَهْجُوهُ: ظَلِلْتَ مُفْتَرِشَ الْهَلْبَاءِ تَشْتُمُنِي * عِنْدَ الرَّسُولِ فَلَمْ تَصْدُقْ وَلَمْ تُصِبِ (?) سُدْنَاكُمْ سُؤْدُدًا رَهْوًا وَسُؤْدُدُكُمْ * بَادٍ نَوَاجِذُهُ مُقْعٍ عَلَى الذَّنْبِ (?) وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ، فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ: " أَخْبِرْنِي عَنِ الزِّبْرِقَانِ، فَأَمَّا هَذَا فَلَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْهُ " وَأَرَاهُ كَانَ قَدْ عَرَفَ قَيْسًا.
قَالَ: فَقَالَ: مُطَاعٌ فِي أَدْنَيْهِ، شَدِيدُ الْعَارِضَةِ، مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ.
فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ: قَدْ قَالَ مَا قَالَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي أَفْضَلُ مِمَّا قَالَ.
قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا زَمِرَ (?) الْمُرُوءَةِ، ضَيِّقَ الْعَطَنِ، أَحْمَقَ الْأَبِ، لَئِيمَ الْخَالِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صَدَقْتُ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَرْضَانِي فَقُلْتُ بِأَحْسَنِ مَا أَعْلَمُ فِيهِ، وأسخطني فَقلت بأسوء مَا أعلم.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا ".
وَهَذَا مُرْسَلٌ من هَذَا الْوَجْه.