أَنَا أُجَوِّزُهُ، فَفَتَحَ رَحْلَهُ فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِحُلَّةٍ صَفُّورِيَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي حِجْرِي، قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُ الْجَائِزَةِ؟ قِيلَ لِي: عُثْمَانُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " أَيُّكُمْ يُنْزِلُ هَذَا الرَّجُلَ؟ " فَقَالَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا.
فَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا خَرَجْتُ مِنْ طَائِفَةِ الْمَجْلِسِ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ:
" تَعَالَ يَا أَخَا تنوخ " فَأَقْبَلت أَهْوى حَتَّى كُنْتُ قَائِمًا فِي مَجْلِسِي الَّذِي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حُبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ وَقَالَ: " هَاهُنَا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ " فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضُونِ الكيف مِثْلِ الْحَجْمَةِ (?) الضَّخْمَةِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
مصالحته (?) عَلَيْهِ السَّلَام ملك أَيْلَة وَأهل جرباء وأذرح وَهُوَ مُخَيِّمٌ عَلَى تَبُوكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يُحَنَّةُ بْنُ رُؤْبَةَ صَاحِبُ أَيْلَةَ، فَصَالَحَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ فَأَعْطَوْهُ الْجِزْيَةَ.
وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُمْ.
فَكَتَبَ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنِهِمْ وَسَيَّارَتِهِمْ فِي الْبر وَالْبَحْر، لَهُم ذمَّة الله و [ذمَّة] (?) مُحَمَّد النَّبِيِّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَأَهْلِ الْبَحْرِ، فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ حَدَثًا فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ، وَإِنَّهُ طَيِّبٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ، وَإِنَّهُ لَا يحل أَن يمنعوا مَاءً يَرِدُونَهُ وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهُ (?) مِنْ بَرٍّ أَو بَحر.