وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النُّضَيْرُ ابْن الْحَارِث بن كلدة من أجمل النَّاسِ فَكَانَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْإِسْلَامِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ نَمُتْ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَقُتِلَ عَلَيْهِ الْإِخْوَةُ وَبَنُو الْعَمِّ.
ثُمَّ ذَكَرَ عَدَاوَتَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى حُنَيْنٍ وَهَمْ عَلَى دِينِهِمْ بَعْدُ، قَالَ: وَنَحْنُ نُرِيدُ إِنْ كَانَتْ دَائِرَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ أَن نغير عَلَيْهِ، فَلَمْ
يُمْكِنَّا ذَلِكَ، فَلَمَّا صَارَ بِالْجِعْرَانَةِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لِعَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ إِنْ شَعَرْتُ إِلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أنضير؟ " قلت: لبيْك، قَالَ: " هَل لَك إِلَى خير مِمَّا أردْت يَوْم حنين مِمَّا خَال اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ " قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ سَرِيعًا فَقَالَ: " قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُبْصِرَ مَا كنت فِيهِ تُوضَع " قلت: قد أدرى أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ زِدْهُ ثَبَاتًا " قَالَ النُّضَيْرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَكَأَنَّ قَلْبِي حَجَرٌ ثَبَاتًا فِي الدِّينِ، وَتَبْصِرَةً بِالْحَقِّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاهُ ".