فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ، وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بن قَتَادَة، عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَخَرَجَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا فِي مَضَايِقِ الْوَادِي وَأَحْنَائِهِ.
وَأَقْبل رَسُول الله وَأَصْحَابُهُ حَتَّى انْحَطَّ بِهِمُ الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصُّبْح، فَلَمَّا انحط النَّاس ثارت فِي وجوهم الْخَيْلُ فَشَدَّتْ عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لَا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.
وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: " أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ هَلُمُّوا إِلَيَّ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله ".
قَالَ: فَلَا شئ، وَرَكِبَتِ الْإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ النَّاسِ وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبى طَالب، وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عبد الْمطلب، وَالْفضل بن الْعَبَّاس.
وَقيل الْفضل بن أَبى سُفْيَان، وأيمن بن أَمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَمِنِ النَّاسِ مَنْ يَزِيدُ فِيهِمْ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ (?) بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَهُوَ عَلَيْهَا قَدْ شَجَرَهَا (?) ، قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ طَوِيلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ، إِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ (?) بِرُمْحِهِ وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رمحه لمن وَرَاءه فَاتَّبعُوهُ.