عَمَّنْ كَانَ حَضَرَهَا مِنْهُمْ قَالُوا: فَقَامَتْ إِلَيْهِ حِينَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَمَا زَالَتْ تُقَبِّلُهُ حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ! وَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مَنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِصَامٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا ".

قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَأَمَرَنَا بِذَلِكَ، فَخَرَجْنَا قِبَلَ تِهَامَةَ، فَأَدْرَكْنَا رَجُلًا يَسُوقُ بِظَعَائِنَ فَقُلْنَا لَهُ: أَسْلِمْ.

فَقَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟ قَالَ: قُلْنَا نَقْتُلُكَ.

فَقَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْظَرِيَّ حَتَّى أُدْرِكَ الظَّعَائِنَ؟ قَالَ: قُلْنَا نَعَمْ وَنَحْنُ مُدْرِكُوكَ.

قَالَ: فَأَدْرَكَ الظَّعَائِنَ فَقَالَ: اسْلَمِي حُبَيْشْ قَبْلَ نَفَادِ الْعَيْشْ.

فَقَالَتِ الْأُخْرَى: اسْلَمْ عَشْرَا وَتِسْعًا وَتْرَا وَثَمَانِيًا تَتْرَى.

ثُمَّ ذَكَرَ الشِّعْرَ الْمُتَقَدِّمَ إِلَى قَوْلِهِ: وَيَنْأَى الْأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ.

ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: شَأْنُكُمْ.

قَالَ: فَقَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ.

قَالَ: فَانْحَدَرَتِ الْأُخْرَى مِنْ هودجها فجثث عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ.

ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق أَبى عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن على بن حَرْب المروزى، حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا وَفِيهِمْ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي لَسْتُ مِنْهُمْ، إِنِّي عَشِقْتُ امْرَأَةً فَلَحِقْتُهَا فَدَعُونِي أَنْظُرْ إِلَيْهَا نَظْرَةً ثُمَّ اصْنَعُوا بى مَا بدا لكم.

فَإِذَا امْرَأَةٌ أَدْمَاءُ طَوِيلَةٌ فَقَالَ لَهَا: اسْلَمِي حُبَيْشْ قَبْلَ نَفَادِ الْعَيْشْ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ بِمَعْنَاهُمَا.

قَالَ: فَقَالَتْ: نَعَمْ فَدَيْتُكَ! قَالَ: فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ فَشَهِقَتْ شَهْقَةً أَوْ شَهْقَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015