قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الْخَرَائِطِيُّ فِي كِتَابِ " هَوَاتِفِ الْجَانِّ ": حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَشْرِقِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَارِثِ الْوَرَّاقِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ وَفْدِ إِيَادٍ، مَا فَعَلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ؟ قَالُوا: هَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: لَقَدْ شَهِدْتُهُ يَوْمًا بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مُعْجِبٍ مُونِقٍ لَا أَجِدُنِي أَحْفَظُهُ.
فَقَامَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَقَاصِي الْقَوْمِ فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: فَسُّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ.
قَالَ: فَكَانَ بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ اجْتَمِعُوا، فَكُلُّ من فَاتَ فَاتَ، وكل شئ آتٍ آتٍ، لَيْلٌ دَاجٍ، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وبحر عجاج، نُجُوم تزهر، وجبال مرساة (?) ، وأنهار مجراة (?) ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لعبرا، مالى أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْإِقَامَةِ فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا.
أَقْسَمَ قُسٌّ بِاللَّهِ قَسَمًا لَا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَرْضَى مِنْ دِينِكُمْ هَذَا.
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِي * - نَ مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا * لِلْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مصَادر وَرَأَيْت قومِي نَحْوهَا * يمْضِي الأصاغر والاكابر لَا من مضى يَأْتِي إِلَيّ * - ك وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا محا * لَة حَيْثُ صَار الْقَوْم صائر