وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتْ بَنُو كَعْب: اللَّهُمَّ إنى نَاشد مُحَمَّدًا * حلف أَبينَا وَأَبِيهِ الا تلدا فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا * وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا (?) وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ: ثُمَّ إِنَّ بَنِي نُفَاثَةَ من بنى الديل أَغَارُوا عَلَى بَنِي كَعْبٍ، وَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ بَنُو كَعْبٍ فِي صُلْحِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ بَنُو نُفَاثَةَ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ، فَأَعَانَتْ بَنُو بَكْرٍ بَنِي نُفَاثَةَ، وَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ، وَاعْتَزَلَتْهُمْ بَنُو مُدْلِجٍ وَوَفَوْا بِالْعَهْدِ الَّذِي كَانُوا عَاهَدُوا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي بنى الديل رجلَانِ هما سيداهم، سلمى بْنُ الْأَسْوَدِ وَكُلْثُومُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّ مِمَّنْ أَعَانَهُمْ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَشَيْبَةَ بْنَ عُثْمَان وَسُهيْل بن عَمْرو.
فأغارت بَنو الديل عَلَى بَنِي عَمْرٍو وَعَامَّتُهُمْ، زَعَمُوا، نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وضعفاء الرِّجَال فألجأوهم وَقَتَلُوهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ إِلَى دَارِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ بِمَكَّةَ.
فَخَرَجَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَمَا كَانَ من أَمر قُرَيْشٍ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْجِعُوا فَتَفَرَّقُوا فِي الْبُلْدَانِ ".
وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَخَوَّفَ الَّذِي كَانَ،
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْدُدِ الْعَقْدَ وَزِدْنَا فِي الْمُدَّةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَلِذَلِكَ قَدِمْتَ؟ هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ قِبَلَكُمْ؟ " فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ! نَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلِحِنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لَا نغير وَلَا نبدل.