فَقَالُوا: نَحْنُ نَكُونُ تَحْتَ أَيْدِي الْعَرَبِ وَنَحْنُ أعظم النَّاس ملكا، وَأَكْثَره
رجَالًا وأقصاه بَلَدًا! قَالَ: فَهَلُمَّ أُعْطِيهِ الْجِزْيَةَ كُلَّ سَنَةٍ، أَكْسِرُ عَنِّي شَوْكَتَهُ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ حَرْبِهِ بِمَا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ.
قَالُوا: نَحْنُ نُعْطِي الْعَرَبَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ بِخَرْجٍ يَأْخُذُونَهُ مِنَّا، وَنَحْنُ أَكْثَرُ النَّاسِ عددا، وأعظمه ملكا، وأمنعه بَلَدًا! لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا.
قَالَ: فَهَلُمَّ فَلْأُصَالِحْهُ عَلَى أَنْ أُعْطِيَهُ أَرْضَ سُورِيَةَ وَيَدَعَنِي وَأَرْضَ الشَّامِ.
قَالَ: وَكَانَتْ أَرْضُ سُورِيَةَ فِلَسْطِينَ وَالْأُرْدُنَّ وَدِمَشْقَ وَحِمْصَ، وَمَا دُونَ الدَّرْبِ [مِنْ أَرْضِ (?) ] سُورِيَةَ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ الدَّرْبِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الشَّامُ.
فَقَالُوا: نَحْنُ نُعْطِيهِ أَرْضَ سُورِيَةَ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهَا سُرَّةُ (?) الشَّامِ، لَا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا.
فَلَمَّا أَبَوْا عَلَيْهِ قَالَ: أما وَالله لترون (?) أَنَّكُمْ قَدْ ظَفِرْتُمْ إِذَا امْتَنَعْتُمْ مِنْهُ فِي مَدِينَتِكُمْ.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى بَغْلٍ لَهُ فَانْطَلَقَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الدَّرْبِ اسْتَقْبَلَ أَرْضَ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أَرْضَ سُورِيَةَ تَسْلِيمَ الْوَدَاعِ.
ثُمَّ رَكَضَ حَتَّى دخل إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَالله أعلم.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ أَخَا بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمِرٍ الْغَسَّانِيِّ صَاحِبِ دِمَشْقَ (?) .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَتَبَ مَعَهُ: " سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِهِ، وَأَدْعُوكَ (?) إِلَى أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يبْقى لَك ملكك ".