حِينَ رَاحُوا وَغَادَرُوا ثَمَّ زَيْدًا * نِعْمَ مَأْوَى الضَّرِيكِ وَالْمَأْسُورِ (?) حِبَّ خَيْرِ الْأَنَامِ طُرًّا جَمِيعًا * سَيِّدِ النَّاسِ حُبُّهُ فِي الصُّدُورِ ذَاكُمُ أَحْمَدُ الَّذِي لَا سِوَاهُ * ذَاكَ حُزْنِي لَهُ مَعًا وَسُرُورِي إِنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ مِنَّا بِأَمْرٍ * لَيْسَ أَمْرَ الْمُكَذَّبِ الْمَغْرُورِ ثُمَّ جُودِي لِلْخَزْرَجِيِّ بِدَمْعٍ * سَيِّدًا كَانَ ثَمَّ غَيْرَ نَزُورِ قَدْ أَتَانَا مِنْ قَتْلِهِمْ مَا كَفَانَا * فَبِحُزْنٍ نَبِيتُ غَيْرَ سُرُورِ * * * وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، فَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أكبر من أَخِيه عَلَيْهِ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ عَقِيلٌ أَسَنَّ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ طَالِبٌ أَسَنَّ مِنْ عَقِيلٍ بِعَشْرِ سِنِينَ.
أَسْلَمَ جَعْفَرٌ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَة وَكَانَت لَهُ هُنَاكَ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَمَقَامَاتٌ مَحْمُودَةٌ، وَأَجْوِبَةٌ سَدِيدَةٌ، وَأَحْوَالٌ رَشِيدَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ (?) وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَدْ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " مَا أدرى أَنا بِأَيِّهِمَا أُسَرُّ، أَبِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ " وَقَامَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ لَهُ يَوْمَ خَرَجُوا مِنْ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي " فَيُقَالُ: إِنَّهُ حَجَلَ عِنْدَ ذَلِكَ فَرَحًا.
كَمَا تقدم فِي مَوْضِعِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَلَمَّا بَعَثَهُ إِلَى مُؤْتَة جعل فِي الامرة مُصَليا - أَي نَائِبا - لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَلَمَّا قُتِلَ وَجَدُوا فِيهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مَا بَيْنَ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْح، ورمية بِسَهْم، وَهُوَ فِي