وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ".
فَإِنْ كَانَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَحْفُوظًا فَتَكُونُ مَخْصُوصَةً بِذَلِكَ، أَوْ هُوَ أَمْرٌ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْإِحْدَادِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَرَثَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَهَا بِقَصِيدَةٍ تَقُولُ فِيهَا: فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً * عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِيَ أَغْبَرَا فَلَلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى * أَكَرَّ وَأَحْمَى فِي الْهِيَاجِ وَأَصْبَرَا
ثُمَّ لَمْ تَنْشَبْ أَنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَزَوَّجَهَا فَأَوْلَمَ وَجَاءَ النَّاسُ لِلْوَلِيمَةِ، فَكَانَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا ذَهَبَ النَّاسُ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنْ يُكَلِّمَ أَسْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ السِّتْرِ نَفَحَهُ رِيحُ طِيبِهَا فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ: - عَلَى وَجْهِ الْبَسْطِ - مَنِ الْقَائِلَةُ فِي شِعْرِهَا: فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً * عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِيَ أَغْبَرَا؟ قَالَتْ: دَعْنَا مِنْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ دُعَابَةٌ! فَوَلَدَتْ لِلصِّدِّيقِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَدَتْهُ بِالشَّجَرَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاهِبٌ إِلَى حِجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ الصِّدِّيقُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْهَا وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
فصل قَالَ ابْن إِسْحَاق: فَحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ.