ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأنزل الله عزوجل فِي تِلْكَ الْعُمْرَةِ " الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ والحرمات قصاص " فَاعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ الَّذِي صُدَّ فِيهِ.
* * * وَقَدْ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوًا مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَلِهَذَا السِّيَاقِ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ مِنْ أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةٍ.
فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأَسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا إِلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا إِلَّا مَا أَحَبُّوا.
فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ تَكُنْ هَذِهِ عُمْرَةَ قَضَاءٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ شَرْطًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْتَمِرُوا مِنْ قَابِلٍ فِي الشَّهْرِ الَّذِي صَدَّهُمْ فِيهِ الْمُشْركُونَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَاضِرٍ الْحِمْيَرِي يحدث أَن مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ قَالَ: خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا عَامَ حَاصَرَ أَهْلُ الشَّامِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَبَعَثَ مَعِي رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي بِهَدْيٍ.
قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مَنَعُونَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ، قَالَ: فَنَحَرْتُ الْهَدْيَ مَكَانِي ثُمَّ أَحْلَلْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ خرجت لاقضي عمرتي، فَأتيت بن عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: أَبْدِلِ الْهَدْيَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ