فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سُفْيَانَ إِيهِ عَنْ عتبَة بن ربيعَة؟ قلت: كريم الطَّرفَيْنِ.
[قَالَ] : وَيَجْتَنِبُ الْمَحَارِمَ وَالْمَظَالِمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: وَشَرِيفٌ مسن؟ قلت: وشريف مسن.
قَالَ: الشّرف وَالسّن أزريابه.
فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، مَا ازْدَادَ سِنًّا إِلَّا ازْدَادَ شَرَفًا.
قَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ إِنَّهَا كَلِمَةٌ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُهَا لِي مُنْذُ تَبَصَّرْتُ، فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ
حَتَّى أُخْبِرَكَ.
قَالَ قُلْتُ: هَاتِ.
قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَجِدُ فِي كُتُبِي نَبِيًّا يُبْعَثُ مِنْ حَرَّتِنَا هَذِهِ، فَكُنْتُ أَظُنُّ بَلْ كُنْتُ لَا أَشُكُّ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَلَمَّا دَارَسْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ إِذَا هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَنَظَرْتُ فِي بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ غَيْرَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَلَمَّا أَخْبَرْتَنِي بِسِنِّهِ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ، حِينَ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَضرب الدَّهْر ضَرَبَهُ، فَأُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ أُرِيدُ الْيَمَنَ فِي تِجَارَةٍ، فَمَرَرْتُ بِأُمَيَّةَ فَقُلْتُ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ: يَا أُمَيَّةُ قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ الَّذِي كُنْتَ تَنْعَتُهُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ حَقٌّ فَاتَّبِعْهُ.
قُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ مِنِ اتِّبَاعِهِ؟ قَالَ: مَا يمنعنى إِلَّا الاستحياء من نسَاء ثَقِيفٍ، إِنِّي كُنْتُ أُحَدِّثُهُنَّ أَنِّي هُوَ، ثُمَّ يَرَيْنَنِي تَابِعًا لِغُلَامٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! ! ثمَّ قَالَ أُميَّة: كأنى بك يَا أَبَا سُفْيَان قد خالفته ثمَّ قَدْ رُبِطْتَ كَمَا يُرْبَطُ الْجَدْيُ حَتَّى يُؤْتَى بِكَ إِلَيْهِ فَيَحْكُمَ فِيكَ بِمَا يُرِيدُ.