وَفِيهَا خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى إِلَى الْعِيصِ.
قَالَ: وَفِيهَا أُخِذَتِ الْأَمْوَالُ الَّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَاسْتَجَارَ بِزَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَارَتْهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّتَهُ حِينَ أُخِذَتِ الْعِيرُ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ وَفَرَّ هُوَ مِنْ بَيْنِهِمْ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَتْ بَعْدَ بَدْرٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْمَدِينَةَ اسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَجَارَهُ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِرَدِّ مَا أَخَذُوا مِنْ عِيرِهِ، فَرَدُّوا كُلَّ شئ كَانُوا أَخَذُوهُ مِنْهُ حَتَّى لَمْ يَفْقِدْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَمَّا رَجَعَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ وَأَدَّى إِلَى أَهْلِهَا مَا كَانَ لَهُمْ مَعَهُ مِنَ الْوَدَائِعِ أَسْلَمَ، وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوجته بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا وَلَا عَقْدًا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.
وَكَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وهجرتها سِتّ سِنِين، ويروى سنتَيْن.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَن إِسْلَامَهُ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ تَحْرِيمِ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكَفَّارِ بِسَنَتَيْنِ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فِي سنة الْفَتْح لَا كَمَا تقدم فِي كَلَام الْوَاقِدِيّ من أَنه سنة سِتّ.
فَالله أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ أَقْبَلَ مِنْ عِنْدِ قَيْصر،
قد أَجَازَهُ بِأَمْوَالٍ وَخِلَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحِسْمَى لَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُذَامٍ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطَّرِيقَ فَلَمْ يَتْرُكُوا مَعَهُ شَيْئًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن حَارِثَة أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مِائَةِ رَجُلٍ إِلَى أَنْ نَزَلَ إِلَى حَيّ من بني أَسد بْنِ بَكْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَهُمْ جَمْعًا يُرِيدُونَ أَنْ يُمِدُّوا يَهُودَ خَيْبَرَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ