قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الْأَوْسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى.

قَالَ: فَذَلِكَ إِلَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي خَيْمَةٍ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا رُفَيْدَةُ فِي مَسْجِدِهِ وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَلَمَّا حَكَّمَهُ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَتَاهُ قَوْمُهُ فَحَمَلُوهُ على حمَار قد وطأوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَكَانَ رَجُلًا جَسِيمًا جَمِيلًا، ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرٍو أَحْسِنْ فِي مَوَالِيكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَلَّاكَ ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ.

فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: قد آن لسعد أَلا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ! فَرَجَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَنَعَى لَهُمْ رِجَالَ بَنِي

قُرَيْظَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ عَنْ كَلِمَتِهِ الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ.

فَلَمَّا انْتَهَى سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ.

فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَقُولُونَ: إِنَّمَا أَرَادَ الْأَنْصَارَ، وَأَمَّا الْأَنْصَارُ فَيَقُولُونَ: قَدْ عَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ.

فَقَامُوا إِلَيْهِ.

فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَلَّاكَ أَمْرَ مَوَالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِمْ.

فَقَالَ سَعْدٌ: عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ لَمَا حَكَمْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا.

فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا لَهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ.

قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ الرِّجَالُ وَتُقْسَمَ الْأَمْوَالُ وَتُسْبَى الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد الرَّحْمَن بن عمر بن سعد ابْن مُعَاذٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لِسَعْدٍ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015