وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنَّا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي نُحُورِ عَدُوِّهِمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن ينصرفوا عَنْهُم إِلَيْنَا، إِذْ أَتَانَا آتٍ فَقُلْتُ: يَا حَسَّانُ إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ كَمَا تَرَى يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ يَهُودَ، وَقَدْ شُغِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَانْزِلْ إِلَيْهِ فاقتله.
قَالَ: يغْفر الله لَك يَا بنت
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا.
قَالَتْ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ عِنْدَهُ شَيْئًا، احْتَجَزْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ عَمُودًا ثُمَّ نَزَلْتُ مِنَ الْحِصْنِ إِلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتَّى قَتَلْتُهُ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهُ رَجَعْتُ إِلَى الْحصن فَقلت: يَا حسان انْزِلْ فاستلبه فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ سَلَبِهِ إِلَّا أَنَّهُ رجل.
قَالَ: مالى بسلبه حَاجَة يابنة عبد الْمطلب (?) ! * * * قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَأَحَاطَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ حَتَّى جعلوهم فِي مثل الْحصن من كَتَائِبِهِمْ، فَحَاصَرُوهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَأَخَذُوا بِكُل نَاحيَة، حَتَّى لَا يدرى أتم (?) أَمْ لَا.
قَالَ: وَوَجَّهُوا نَحْوَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِيبَةً غَلِيظَةً فَقَاتَلُوهُمْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، فَلَمَّا حَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ دَنَتِ الْكَتِيبَةُ فَلَمْ يَقْدِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يُصَلُّوا الصَّلَاةَ عَلَى نَحْوِ مَا أَرَادُوا، فَانْكَفَأَتِ الْكَتِيبَةُ مَعَ اللَّيْلِ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُطُونَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَقُبُورَهُمْ، نَارًا ".