بِمَكَّة من الْفرس الابلق.

فَأَبَى عَلَيَّ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا مَكَّةَ فَطُفْنَا أُسْبُوعًا (?) وَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجْتُ لَقِيَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَعَرَفَنِي وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، واحزناه.

فَنَذِرَ بِنَا أَهْلُ مَكَّةَ، فَقَالُوا: مَا جَاءَ عَمْرٌو فِي خَيْرٍ.

وَكَانَ عَمْرٌو فَاتِكًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَحَشَدَ أَهْلُ مَكَّةَ وَتَجَمَّعُوا، وَهَرَبَ عَمْرٌو وَسَلَمَةُ وَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِمَا وَاشْتَدُّوا فِي الْجَبَلِ.

قَالَ عَمْرو: فَدخلت فِي غَار فَتَغَيَّبْتُ عَنْهُمْ حَتَّى أَصْبَحْتُ، وَبَاتُوا يَطْلُبُونَنَا فِي الْجَبَلِ وَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ أَنْ يهتدوا لَهُ، فَلَمَّا كَانَ ضحوة الْغَد أقبل عُثْمَان بن مَالك بن عبيد الله

التَّيْمِيُّ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ حَشِيشًا فَقُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ: إِذَا أَبْصَرَنَا أَشْعَرَ بِنَا أَهْلَ مَكَّةَ وَقَدِ انْفَضُّوا عَنَّا.

فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُو مِنْ بَاب الْغَار حَتَّى أشرف علينا، فَقَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ طَعْنَةً تَحْتَ الثَّدْيِ بِخِنْجَرِي، فَسقط وَصَاح فَاجْتمع أهل مَكَّة فَأَقْبَلُوا بعد تفرقهم [وَرجعت إِلَى مَكَاني فَدخلت فِيهِ] وَقُلْتُ لِصَاحِبِي: لَا تَتَحَرَّكْ.

فَأَقْبَلُوا حَتَّى أَتَوْهُ وَقَالُوا: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ.

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِخَيْرٍ.

وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِمَكَانِنَا، فَإِنَّهُ كَانَ بِآخِرِ رَمَقٍ فَمَاتَ، وَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِنَا بِصَاحِبِهِمْ فَحَمَلُوهُ، فَمَكَثْنَا لَيْلَتَيْنِ فِي مَكَاننَا حَتَّى [سكن عَنَّا الطّلب ثمَّ] خرجنَا [إِلَى التَّنْعِيم] فَقَالَ صَاحِبِي: يَا عَمْرُو بْنَ أُمَيَّةَ، هَلْ لَك فِي خبيب بن عدى تنزله؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ مَصْلُوبٌ حَوْلَهُ الْحَرَسُ.

فَقُلْتُ: أَمْهِلْنِي وَتَنَحَّ عَنِّي فَإِنْ خَشِيتَ شَيْئًا فَانْحُ إِلَى بَعِيرِكَ فَاقْعُدْ عَلَيْهِ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ الْخَبَرَ وَدَعْنِي فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْمَدِينَةِ.

ثمَّ استدرت عَلَيْهِ حَتَّى وَجَدْتُهُ فَحَمَلْتُهُ عَلَى ظَهْرِي فَمَا مَشَيْتُ بِهِ إِلَّا عِشْرِينَ ذِرَاعًا حَتَّى اسْتَيْقَظُوا فَخَرَجُوا فِي أَثَرِي فَطَرَحْتُ الْخَشَبَةَ فَمَا أَنْسَى وجيبها، يَعْنِي صَوْتَهَا، ثُمَّ أَهَلْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ بِرِجْلِي، فَأَخَذْتُ طَرِيقَ الصَّفْرَاءِ فَأَعْيَوْا وَرَجَعُوا، وَكُنْتُ لَا أدرى مَعَ بَقَاء نَفسِي، فَانْطَلَقَ صَاحِبِي إِلَى الْبَعِيرِ فَرَكِبَهُ، وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015