ثُمَّ اقْتَحَمْتُ فَانْتَبَذْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَّتُّ فَلَمْ أر شَيْئا، فَكَأَنَّمَا بلعته الْأَرْضُ، فَلَمْ تُذْكَرْ لِخُبَيْبٍ رِمَّةٌ حَتَّى السَّاعَةِ.

ثُمَّ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدٍ أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَصْحَابُ الرَّجِيعِ قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: يَا وَيْحَ هَؤُلَاءِ المفتونين الَّذين هَلَكُوا هَكَذَا، لاهم أَقَامُوا فِي أهلهم ولاهم أَدَّوْا رِسَالَةَ صَاحِبِهِمْ.

فَأَنْزَلُ اللَّهُ فِيهِمْ: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلد الْخِصَام (?) " وَمَا بَعْدَهَا.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَصْحَابِ السَّرِيَّةِ " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله وَالله رءوف بالعباد (?) ".

* * *

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَ مِمَّا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ قَوْلُ خُبَيْبٍ حِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُنْكِرُهَا لَهُ: لَقَدْ جَمَّعَ الْأَحْزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا * قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ وَكُلُّهُمْ مُبْدِي الْعَدَاوَةِ جَاهَدٌ * عَلَيَّ لِأَنِّي فِي وِثَاقٍ بمضبع (?) وَقَدْ جَمَّعُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ * وَقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو غُرْبَتِي ثُمَّ كُرْبَتِي * وَمَا أَرْصَدَ الْأَعْدَاءُ (?) لِي عِنْدَ مَصْرَعِي فَذَا الْعَرْشِ صَبِّرْنِي عَلَى مَا يُرَادُ بِي * فَقَدْ بَضَّعُوا لَحْمِي وَقَدْ يَأِسَ مَطْمَعِي وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ * يُبَارك على أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ وَقَدْ خَيَّرُونِي الْكُفْرَ وَالْمَوْتُ دُونَهُ * وَقَدْ هَمَلَتْ عَيْنَايَ مِنْ غَيْرِ مَجْزَعِ وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ إِنِّي لِمَيِّتٌ * وَلَكِنْ حذارى جحم نَار ملفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015