أُبَيٍّ بِثُلْثِ النَّاسِ، وَقَالَ: أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي، مَا ندرى علام نقْتل أَنْفُسنَا هَا هُنَا أَيُّهَا النَّاسُ.

فَرَجَعَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالرَّيْبِ، وَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ السُّلَمِيُّ وَالِدُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أُذَكِّرُكُمُ الله أَلا تخذلوا قومكم ونبيكم عِنْدَمَا حَضَرَ مِنْ عَدُوِّهِمْ.

قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تقاتلون مَا أَسْلَمْنَاكُمْ، وَلَكِّنَّا لَا نَرَى أَنْ يَكُونَ قِتَالٌ.

فَلَمَّا اسْتَعْصُوا عَلَيْهِ وَأَبَوْا إِلَّا الِانْصِرَافَ قَالَ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* * *

قُلْتُ: وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ هُمُ الْمُرَادُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا.

قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ، هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ، يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أعلم بِمَا يكتمون (?) ".

يَعْنِي أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ: لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الْقِتَالِ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ وَلَا شَكَّ فِيهِ.

وهم الَّذين أنزل الله فيهم: " فمالكم فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا (?) " الْآيَة.

وَذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً قَالَتْ: نُقَاتِلُهُمْ.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نُقَاتِلُهُمْ.

كَمَا ثَبَتَ وَبُيِّنَ فِي الصَّحِيحِ.

وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ الْأَنْصَارَ اسْتَأْذَنُوا حِينَئِذٍ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِحُلَفَائِهِمْ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لنا فيهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015