عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْسِلْنِي.
وَغَضِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَوْا لِوَجْهِهِ ظُلَلًا ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ أَرْسِلْنِي.
قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُرْسِلُكَ حَتَّى تُحْسِنَ فِي مَوِالِيَّ، أَرْبَعمِائَة حاسر وثلثمائة دَارِعٍ قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ! إِنِّي وَاللَّهِ امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُمْ لَكَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي مُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ أَبَا لُبَابَةَ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَكَانَتْ مُحَاصَرَتُهُ إِيَّاهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَبَّثَ بِأَمْرِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَقَامَ دُونَهُمْ، وَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مِنْ بَنِي عَوْفٍ لَهُ من حلفهم مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَخَلَعَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَبْرَأُ مِنْ حِلْفِ هَؤُلَاءِ الْكفَّار وولايتهم.
قَالَ: وَفِيه وفى عبد الله بن أَبى نزلت الْآيَات مِنَ الْمَائِدَةِ: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " الْآيَاتِ حَتَّى قَوْلِهِ: " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ، يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَة " يعْنى عبد الله ابْن أُبَيٍّ إِلَى قَوْلِهِ " وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ " يَعْنِي عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ.
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ.