غنم لَهُ بِالبَقِيعِ، فَخرج من هُنَالك مُعْتَمِرًا، وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُحْبَسُ بِمَكَّةَ إِنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا، وَقد كَانَ عهد قُرَيْش أَن قُرَيْشًا لَا يَعْرِضُونَ لِأَحَدٍ جَاءَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا إِلَّا بِخَيْرٍ، فَعَدَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِمَكَّةَ فَحَبَسَهُ بِابْنِهِ عَمْرٍو، وَقَالَ فِي ذَلِكَ: أَرَهْطَ ابْنِ أُكَّالٍ أَجِيبُوا دُعَاءَهُ * تَعَاقَدْتُمُ لَا تُسْلِمُوا السَّيِّدَ الْكَهْلَا فَإِنَّ بَنِي عَمْرو لئام أَذِلَّة * لَئِن لم يكفوا (?) عَنْ أَسِيرِهِمُ الْكَبْلَا قَالَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ سَعْدٌ يَوْمَ مَكَّةَ مُطْلَقًا * لَأَكْثَرَ فِيكُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ الْقَتْلَا بِعَضْبٍ حُسَامٍ أَوْ بِصَفْرَاءَ نَبْعَةٍ * تَحِنُّ إِذَا مَا أُنْبِضَتْ تَحْفِزُ النَّبْلَا (?) قَالَ: وَمَشَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَيَفُكُّوا بِهِ صَاحِبَهُمْ، فَأَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ، فَبَعَثُوا بِهِ إِلَى أَبِي
سُفْيَانَ فَخَلَّى سَبِيلَ سَعْدٍ.
* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ أُمَيَّةَ، خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ أَحَدُ بَنِي حَرَامٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَكَّةَ الْمَعْدُودِينَ مَالًا وَأَمَانَةً وَتِجَارَةً، وَكَانَتْ أُمُّهُ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ هِيَ الَّتِي سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِابْنَتِهَا زَيْنَبَ وَكَانَ لَا يُخَالِفُهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ الْوَحْيِ.
وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ رُقَيَّةَ، أَوْ أُمَّ كُلْثُومٍ، مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْوَحْيُ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: اشْغَلُوا مُحَمَّدًا بِنَفْسِهِ.
وَأَمَرَ ابْنَهُ عُتْبَةَ فَطَلَّقَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى