هو أنه بسيط ومدهش ومعجز في الوقت نفسه وتلك حقيقة لا مفر منها .. وقدرته على تطويع الجبابرة والمفكرين تمامًا هي كنعومته ورقته في الإمساك بأيدي البسطاء والمساكين وأخذهم إلى حيث ينعمون .. لكن عنصر العناد والاعتداد بالنفس والحسد أحيانًا لدى العظماء يحرمهم من البوح بالحقيقة الصارخة داخل أعماقهم .. وقد كان إسلام خالد وعمرو هو الخلاص من معاناة العناد والاعتداد بالذات .. وفي قصة إسلامهما تفاصيل تلك التعرجات التي سلكتها الروح والعقل بعيدًا عن الصراط المستقيم حتى وجدا نفسيهما يومًا في صحاري أبي جهل حيث لا مكان لغير الضياع والعطش والموت .. يقول عمرو رضي الله عنه: "إني قد كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما" (?) .. لما .. لما ماذا يابن العاص .... "لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالًا من قريش كانوا يرون مكاني ويسمعون مني فقلت لهم تعلمون والله إني لأرى أمر محمَّد يعلو الأمور علوًا كبيرًا منكرًا وأني قد رأيت رأيًا فما ترون فيه؟ قالوا: وما رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشى فنكون عنده فإن ظهر محمَّد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمَّد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرف فلن يأتينا منهم إلا خير فقالوا: إن هذا الرأي. فقلت لهم: فاجمعوا له ما نهدي له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدمًا كثيرًا فخرجنا حتى قدمنا عليه فوالله إنا لنعده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015