امتثل الصحابة لأن الذي يتحدث نبي مرسل .. ولأنه لا ينطق عن هوى أو رؤية شخصية .. ثم قاموا بالبحث عن أي شيء يطفئ لهب الجوع وسعيره .. فلم يجدوا سوى الأرض ..

قال أبو سعيد رضي الله عنه: "فتحت خيبر فوقعنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك البقلة الثوم والناس جياع فأكلنا منها أكلًا شديدًا ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الريح فقال من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئًا فلا يقربنا في المسجد فقال الناس حرمت .. حرمت .. فبلغ ذاك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها" (?) "فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" (?) فالزينة في قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (?) ليست في اللباس فقط .. فالرائحة الزكية من أجمل الأشياء التي يفضل اصطحابها إلى المسجد .. ومن أسرار عظمة الإِسلام تسليطه الأضواء على الجمال مهما كانت الأجواء معتمة والعقول مشغولة والنفوس مشحونة .. فالإنسان في ظرف كظرف الحرب والاجتلاد أو الحماس تمنحه نفسه ويمنحه حماسه مسوغات عديدة للقيام بممارسات قد تؤلم غيره فيتجاوز أهداف خروجه .. هنا يتميز الإِسلام عن غيره من الأديان .. فلا مذابح جماعية .. لا انتقام .. لا تهور .. لا سلب ولا نهب .. بل انضباط والتزام وإلا فإنه ليس بجهاد .. والموت فيه ليس بشهادة.

ها هو الجوع مرة أخرى يرغم بعض الصحابة على البحث المرير بعد نفاذ الصلح .. لكن النتيجة كانت أكثر مرارة. صحابي اسمه: ثعلبة بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015