فأمّا الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أُهبة القتال والتجارة فأتوه) (?).

وصل الشجعان إلى أرض بدرٍ فرحبت بهم وتذكرت نصرهم .. كانت أرض بدرٍ أرضًا للانتصار .. هكذا هي في عقول وقلوب المؤمنين .. أمّا بالنسبة لقريش فهي تذكرهم بالهزيمة .. لم يستطع أبو سفيان وجيشه مغادرة مكّة ولا الحركة منها .. فالتشاؤم يعيقهم عن الحركة .. يشلّهم عن الوفاء بالوعد والتحدّي .. أبو سفيان وكبار القوم خائفون .. يخشون أن تحشر جثثهم في بئر أخرى .. فلم يحضروا .. وهكذا:

انتهت غزوة بدر الثانية قبل أن تبدأ .. فليس على الساحة سوى المؤمنين .. إنهم يتلفتون فلا يرون أحدًا .. يذرعون أرض بدر .. يمشطونها بحثًا عن جيش الوثنيين فلا يرون أحدًا .. وهكذا انهزمت قريش في معركة هي التى طلبتها وحدّدت مكانها وزمانها .. أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجنده .. فقد مالوا بمطاياهم نحو موسم بدر (فأتوه فلم يجدوا به أحدًا، وتسوقوا فأنزل الله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}) (?)، فطلب - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه أن يكتبوا هذه الآية وأن يجعلوها بعد الآية السابقة، لتقرأ هكذا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (?).

تفضّل سبحانه على نبيّه - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضي الله عنهم بانتصار لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015