في هذا الوقت سوى اثنين من الصحابة .. يقول أحد الصحابة: (إنه لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الأيام الذي يقاتل فيهن غير طلحة وسعد" (?)، وقد قاتل طلحة حتى قطعت أصابعه وشلّت يده .. رآها أحد الذين أدركوا الجاهلية والإِسلام واسمه: قيس بن أبي حازم فقال: (رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شلّت) (?).
أثناء هذه الظروف العصيبة والجراح الدامية .. انتشر الخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال على قيد الحياة .. تداعى الصحابة من كل مكان (فلما عرفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهضوا به معهم نحو الشعب، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ وطلحة والزبير والحارث بن الصمة في رهط من المسلمين، ولما أسند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشعب، أدركه أُبيّ بن خلف وهو يقول:
يا محمَّد .. لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: أيعطف عليه يا رسول الله رجلٌ منّا؟ فقال: دعوه، فلما دنا تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحربة من الحارث بن الصمة) (?)، أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحربة وهو في أشدّ حالات الإعياء والعطش .. لدرجة أنه كان يمشي ويسقط .. ولكنه استجمع قواه ليبعث بها مع حربة الحارث بن الصمة إلى هذا الطاغوت النزق ..