يبدأوا بقتال هؤلاء الأنذال الجبناء قبل أن يقاتلوا جيش مكّة المشرك .. لكن البعض فضّل عدم إهدار طاقتهم وتدنيس أيديهم بدمائهم القذرة .. وهذا ما مال إليه - صلى الله عليه وسلم - .. فلا بدّ من التركيز على الخطر الداهم - العاجل .. يقول زيد بن ثابت ملخصًا ما حدث من خيانة:

(إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أُحد، فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم .. وفرقة تقول: لا، فأنزل الله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة) (?).

شعّت الفضّة ولمعت بعد أن تعرضت لنار الشدائد فانسلخ خبث النفاق عنها .. ورجع الخونة دون أخلاق إلى جحورهم في المدينة كالحيات .. كالعقارب .. وأصبح جيش محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قليلًا .. ضعيفًا إلَّا بالإيمان .. لكن قلّة العدد والخيانة واستعداد العدو خيّم للحظات على بعض الأنصار وهم بنو حارثة وبنو سلمة .. فقد كاد الإحباط والفشل أن يستولي عليهم .. لكن القرآن يفعل المعجزات .. نزل القرآن يغسل ما بهم من هموم وإحباط .. فثبتوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالجبال .. بل لقد صار ذلك الموقف مبعث فخر لهم إلى يوم القيامة .. لقد فرحوا بما نزل من آيات تصف حالهم وتثني عليهم .. هذا أحد أبنائهم يفرح بنزول كلام الله على نبيه فيهم، فيقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015