وقد روى هذه القصة أيضا أبو داود والترمذي وصحّحه وابن ماجه، وابن خزيمة وصحّحه.
ولا يظن ظان أن الأذان شرع بالرؤيا فحسب، وإنما شرع بالوحي أيضا، وقد توافقا بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إنها لرؤيا حق» وفي رواية ابن جريج التي ذكرها ابن هشام في سيرته أن عمر لما جاء إلى النبي يخبره بما رأى قال له: «قد سبقك بذلك الوحي» وأيضا فتقرير النبي لأحد على شيء أحد وجوه السنن المعروفة (?) .
وقد ذكر السهيلي حديثا يفيد مشروعية الأذان ليلة الإسراء والمعراج، ثم قال: وأخلق بهذا الحديث أن يكون صحيحا لما يعضده ويشاكله من حديث الإسراء، وقد ردّ عليه الحافظ ابن كثير فيما زعم حيث قال: (فهذا الحديث ليس كما زعم السهيلي أنه صحيح؛ بل هو منكر تفرد به زياد بن المنذر أبو الجارود، الذي تنسب إليه الفرقة الجارودية، وهو من المتهمين بالكذب، ثم لو كان قد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لأوشك أن يأمر به بعد الهجرة في الدعوة إلى الصلاة) . وكل ما روي من روايات تدل على مشروعيته قبل الهجرة هي ضعيفة لا تنهض للاحتجاج بها كما نبه إلى ذلك الحافظ الكبير ابن حجر في الفتح.
وكان بلال بن رباح هو مؤذن (?) رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع وجود مساعدين له في بعض الأحيان، وكان بلال يزيد في أذان الفجر بعد حي على الفلاح الثانية:
(الصلاة خير من النوم) مرتين، وأقره النبي على ذلك.
والأذان شعيرة من شعائر الإسلام، فلا يجوز تركه، ولو أن أهل بلد