في محلتهم، وهي كالقرى المتلاصقة، فاختار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم دار بني مالك بن النجار تكريما لهم لخؤولتهم لرسول الله.
وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جميع دور الأنصار، فقد ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير» ، فقال سعد بن عبادة: ما أرى النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد فضّل علينا، فقيل: قد فضلكم على كثير، وفي رواية أخرى عن أبي حميد الساعدي عن النبي، وزاد فيه فقال أبو أسيد لسعد بن عبادة: ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيّر الأنصار فجعلنا اخرا، فأدرك سعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله خيّرت دور الأنصار فجعلتنا اخرا؟ فقال: «أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الأخيار» وإنها لكياسة في الجواب لن تكون إلا من صاحب العقل الكبير، والصدر الرحيب، والقول الفصل البليغ.
وكان يوما مشهودا في تاريخ الدنيا يوم دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة راكبا ناقته القصواء وأبو بكر الصديق ردفه (?) ، وملأ بني النجار حوله متقلدين سيوفهم يرهبون بها أعداء الله ورسوله، ومن تسوّل له نفسه من اليهود والمشركين أن ينال من رسول الله، وليعلموهم أنه إذا كان ترك أهله ووطنه إلى الله، فلا يزال في عزة ومنعة من أخواله وأتباعه وأنصاره، إنه لمشهد معبّر يغني عن الكلام والخطب!!.
وخرجت المدينة كلها بشبابها وشيبها، وصبيانها ونسائها وولائدها، لتشارك في استقبال القادم الكريم، وليملأوا عيونهم من هذا الذي أصبح ذكره على كل لسان، وأنصاره في كل بيت.