يسكن شبه جزيرة العرب فريقان:
وهم الذي يسكنون البادية، ويرتحلون وراء العشب والكلأ، ويتتبعون مواقع الغيث والمطر، وهم يسكنون الخيام، وهي البيوت من الوبر، والشعر، وهم الأكثرون ولا سيما في الشمال: الحجاز وما والاها من نجد وتهامة.
وهم الذين يسكنون القرى والمدن، ويسكنون بيوتا من اللبن، أو الحجر، ومعظم هؤلاء كانوا يسكنون في الجنوب: اليمن وما جاورها، وعلى تخوم بلاد فارس والروم.
وقد نشأت من قديم الزمان ببلاد العرب حضارات أصيلة، ومدنيات عريقة من أشهرها:
وقد دل القران الكريم- الذي هو أوثق المصادر وأحقها بالقبول- على أنه كان في بعض بلاد العرب حضارات قديمة، وعمران، وخصب، ونماء، ورخاء، وتقدم. ففي اليمن استفادوا من مياه الأمطار والسيول التي كانت تضيع في الرمال، وتنحدر إلى البحار، فأقاموا الخزانات والسدود بطرق هندسية بديعة، وأشهر هذه السدود (سد مأرب) ، واستفادوا بمياهها في الزروع المتنوعة، والحدائق ذات الأشجار الزاكية، والثمار الشهية، قال عزّ شأنه:
لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ