الجماد، فمنه ما وقع التحدّي به، ومنه ما وقع دالا على صدقه من غير سبق تحدّ، ومجموع ذلك يفيد القطع بأنه ظهر على يده صلّى الله عليه وسلّم من خوارق العادات شيء كثير، كما يقطع بوجود جود حاتم، وشجاعة علي، وإن كانت أفراد ذلك ظنية وردت مورد الاحاد، مع أن كثيرا من المعجزات النبوية قد اشتهر، وانتشر، ورواه العدد الكبير، والجم الغفير، وأفاد الكثير منه القطع عند أهل العلم بالاثار، والعناية بالسير والأخبار، وإن لم يصل عند غيرهم إلى هذه الرتبة لعدم عنايتهم بذلك، بل لو ادّعى مدّع أن غالب هذه الوقائع مفيدة للقطع بطريق نظري لما كان مستبعدا، وهو أنه لا مرية أن رواة الأخبار في كل طبقة قد حدّثوا بهذه الأخبار في الجملة، ولا يحفظ عن أحد من الصحابة، ولا من بعدهم مخالفة الراوي فيما حكاه من ذلك، ولا الإنكار عليه فيما هنالك، فيكون الساكت منهم كالناطق، لأن مجموعهم محفوظ من الإغضاء على الباطل» (?) .
ومعذرة إذا كنت أطلت في هذا، فالأمر يتعلق بمنهجين، وطريقتين، فكان لا بد من بيان الطريقة المثلى، والمنهج الحق المبين.
قد عنيت- ما استطعت- بذكر التشريعات الإسلامية وتاريخها، ولا سيما في القسم الثاني المدني الذي حفل بها، لأنها وثيقة الصلة بالسيرة النبوية، كما أخذت نفسي بذكر نبذ موجزة- ولكنها مفيدة- عن هذه التشريعات، حتى أعطي للقارئ صورة صادقة للإسلام الصحيح، وذلك كما صنعت في تشريع الصلاة، والأذان، وتحويل القبلة إلى الكعبة، والصوم، والزكاة، والعيدين، والحجاب، ونكاح المتعة ونحوها، وكذلك الأحداث المتعلقة بالسيرة كبناء مسجد قباء، والمسجد النبوي، وفضلهما، ومنزلة المساجد في الإسلام، ومسجد الضرار، وزواج النبي من أزواجه، مع بيان الحكمة في هذا الزواج، وذكر تعريف بكل زوجة، ومواليد المشاهير من الصحابة،