المبحث الثاني أحداث في الطريق والوصول إلى تبوك

دليل رسول الله في هذه الغزوة علقمة بن الفغواء الخزاعي، فقد كان من أصحاب الخبرة والكفاءة في معرفة طريق تبوك (?).

وقد انفرد الواقدي بالمعلومات عن طريق الجيش وتوزيع الرايات، وهو متروك, ولكنه غزير المعلومات في السيرة، وأخذ مثل هذه المعلومات منه لا يضر (?).

ويلاحظ الباحث التطور السريع لعدد المقاتلين بشكل عام, ولسلاح الفرسان بشكل خاص. إن الذي يدرس تاريخ الدعوة الإسلامية، ونشوء الدولة الإسلامية ومؤسساتها العامة -وفي مقدمة هذه المؤسسات الجيش الإسلامي القوة الضاربة للدولة- يلاحظ أن هناك تطورًا سريعًا جدًّا في مجال القوة العسكرية، إذ بلغ عدد المقاتلين في غزوة بدر الكبرى ثلاثمائة وثلاثة عشر مقاتلا، وفي غزوة أحد بلغ سبعمائة مقاتل تقريبا، وفي غزوة الأحزاب ثلاثة آلاف مقاتل، وفي غزوة فتح مكة عشرة آلاف مقاتل، وفي غزوة حنين بلغ العدد اثني عشر ألف مقاتل، وأخيرًا بلغ عدد المقاتلين في تبوك ثلاثين ألف مقاتل أو يزيد.

وإن الدارس يلاحظ هذا التطور السريع اللافت للنظر في مجال سلاح الفرسان, ففي غزوة بدر كان عدد الفرسان فارسين في بعض الروايات، وفي غزوة أحد لم يتجاوز عدد الفرسان ما كان في بدر, ويقفز العدد بعد ست سنوات فقط إلى عشرة آلاف فارس، وهذا يعود إلى انتشار الإسلام في الجزيرة العربية, وبخاصة في البادية، ذلك لأن أهلها يهتمون باقتناء الخيول وتربيتها أكثر من أبناء المدن (?).

* * *

المبحث الثاني

أحداث في الطريق والوصول إلى تبوك

وبعد تعبئة الجيش وتوزيع المهام والألوية والرايات, توجه الجيش الإسلامي بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، ولم ينتظر أحدًا قد تأخر, وقد تأخر نفر من المسلمين يظن فيهم خير, وكلما ذكر لرسول الله اسم رجل تأخر قال صلى الله عليه وسلم: «دعوه, إن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه» (?).

أولاً: قصة أبي ذر الغفاري:

قال ابن إسحاق: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرًا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول: «دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه»، حتى قيل: يا رسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره. فقال: «دعوه, فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015