قال: فتغير وجهه حتى كان كالصرف, ثم قال: «فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟!» قال: ثم قال: «يرحم الله موسى؛ قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» قال: قلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثا (?).
تعامله مع هوازن لما أسلمت:
جاء وفد هوازن لرسول الله بالجعرانة وقد أسلموا, فقالوا: يا رسول الله, إنا أصل وعشيرة, وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك, فامنن علينا منَّ الله عليك. وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله, إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك, ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر (?) ثم أصابنا منها مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما, وأنت رسول الله خير المكفولين, ثم أنشأ يقول:
امنن علينا رسولَ الله في كرم ... فإنك المرء نرجوه وننتظر (?)
إلى أن قال:
امنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤه من محضها درر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها ... وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
فكان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم, فعادت فواضله عليه السلام عليهم قديما وحديثًا وخصوصًا وعمومًا (?).
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوفد قال لهم: «نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟» فقالوا: يا رسول الله خيَّرتنا بين أحسابنا وأموالنا؟ بل أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا، فقال رسول الله: «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وإذا أنا
صليت بالناس فقوموا فقولوا: إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين, وبالمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبنائنا ونسائنا, فإني سأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم» فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر قاموا فقالوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس ابن مرداس السلمي: أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عباس بن مرداس لبني سليم: وهنتموني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ستة فرائض من