منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضالة؟» قال: نعم، فضالة يا رسول الله، قال: «ماذا كنت تحدث به نفسك؟» قال: لا شيء، كنت أذكر الله، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: «استغفر الله» , ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إليَّ منه، قال فضالة: فرجعت إلى أهلي، فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت: هلم إلى الحديث، فقلت: لا، وانبعث فضالة يقول:

قالت هلمَّ إلى الحديث فقلت لا ... يأبى عليك اللهُ والإسلامُ

لو ما رأيت محمدًا وقبيله ... بالفتح يوم تكسر الأصنام

لرأيت دين الله أضحى بينا ... والشرك يغشى وجهَه الإظلام (?)

ثانيًا: أتكلمني في حد من حدود الله؟

قال عروة بن الزبير: إن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه، قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها تلوَّن وجه رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله خطيبًا فأثنى على الله بما هو أهله, ثم قال: «أما بعد فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها.

فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (?).

وهكذا يستمر البناء التربوي للأمة، ونرى العدل في إقامة شرع الله على القريب والبعيد على حد سواء، ووجدت قريش نفسها أمام تشريع رباني لا يفرق بين الناس، فهم كلهم أمام رب العالمين سواء، وأصبحت معايير الشرف هي الالتزام بأوامر الله تعالى، وفي هذا الموقف الذي أثار غضب رسول الله الشديد واهتمامه الكبير, عبرة للمسلمين حتى لا يتهاونوا في تنفيذ أحكام الله تعالى، أو يشفعوا لدى الحاكم، من أجل تعطيل الحدود الإسلامية (?).

ثالثًا: أجرْنا من أجرتِ يا أم هانئ:

قالت أم هانئ بنت أبي طالب: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة فر إليَّ رجلان من أحمائي، من بني مخزوم, وكانت عند هُبيرة بن أبي وهب المخزومي، قالت: فدخل علي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015