تصلون في اليوم والليلة؟ قال: خمس صلوات، قال: يصلي بهم محمد؟ قال: نعم، فلما سلم صاح صفوان: يا محمد، إن عمير بن وهب جاءني ببردك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرًا وإلا سيرتني شهرين، قال: «انزل أبا وهب» قال: لا والله حتى تبين لي, قال: «بل تُسيَّر أربعة أشهر» فنزل صفوان.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن وخرج معه صفوان وهو كافر، وأرسل إليه يستعيره سلاحه، فأعاره سلاحه مائة درع بأداتها، فقال: طوعًا أو كرهًا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عارية مؤداة» فأعاره، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملها إلى حنين، فشهد حنينًا، والطائف ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفوان بن أمية جعل صفوان ينظر إلى شعب مليء نعمًا وشاء ورعاء فأدام إليه النظر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه, فقال: «أبا وهب، يعجبك هذا الشعب؟» قال: نعم، قال: «هو لك وما فيه» , فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. وأسلم مكانه (?).

ونلاحظ في هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم حاول أن يتألف صفوان بن أمية إلى الإسلام حتى أسلم، وذلك بإعطائه الأمان ثم بتخييره في الأمر أربعة أشهر، ثم بإعطائه من مال العطايا الكبيرة التي لا تصدر من إنسان عادي، فأعطاه أولا مائة من الإبل مع عدد من زعماء مكة, ثم أعطاه ما في أحد الشعاب من الإبل والغنم فقال: ما طابت نفس أحد بهذا إلا نفس نبي. ثم أسلم مكانه (?)، وقد وصف لنا صفوان بن أمية عطاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (والله لقد

أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ) (?).

3 - إسلام عكرمة بن أبي جهل:

قال عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه -: قالت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فأمِّنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو آمن» , فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنيه حتى قدمت على حيٍّ من عكٍّ (?) فاستغاثتهم عليه فأوثقوه رباطًا، وأدركت عكرمة، وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة فركب البحر، فجعل نُوتيَّ السفينة يقول له: أخلص، فقال: أي شيء أقول؟ قال: قل لا إله إلا الله، قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا، فجاءت أم حكيم على هذا الكلام، فجعلت تلح عليه وتقول: يا ابن عم، جئتك من عند أوصل الناس, وأبرّ الناس, وخير الناس، لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015