وفي مغازي عروة: فتناول الذراع فانتهش منها، وتناول بشر عظمًا آخر، فانتهش منه، فلما أرغم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرغم بشر ما في فيه، فقال رسول الله: ارفعوا أيديكم، فإن كتف الشاة تخبرني أني قد بغيت فيها، فقال بشر بن البراء: والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت، ولم يمنعني أن ألفظها إلا أني كرهت أن أنغص طعامك، فلما أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي عن نفسك، ورجوت أن لا أكون رغمتها وفيها بغي (?).
وقال ابن القيم: وجيء بالمرأة إلى رسول الله فقالت: أردت قتلك، فقال: «ما كان الله ليسلطك علي» قالوا: ألا تقتلها؟ قال: «لا» ولم يتعرض لها، ولم يعاقبها، واحتجم على الكاهل، وأمر من أكل منها فاحتجم، فمات بعضهم (?).
وقد اختلف في قتل المرأة والصحيح أنه لما مات بشر قتلها (?) , ولقد كان السم الذي وضعته اليهودية قويًّا جدًّا إذ مات بشر بن البراء فورًا، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاوده ألم السم حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها (?). وقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرض موته الذي مات فيه: «يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري (?) من ذلك السم» (?).
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن علاط: يا رسول الله إن لي بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن أكاتبهم, فأنا في حل إن أنا نلت منك, وقلت شيئًا؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما يشاء فأتى امرأته حين قدم، فقال: اجمعي لي ما كان عندك، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه، فإنهم قد استبيحوا، أو أصيبت أموالهم، قال: ففشا ذلك في مكة فانقمع المسلمون، وأظهر المشركون فرحًا وسرورًا، قال: وبلغ الخبر العباس - رضي الله عنه - فقعد، وجعل لا يستطيع أن يقوم.
قال معمر: فأخبرني عثمان الجزري عن مقسم قال: فأخذ ابنًا له يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له، قثم، فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول: