وكان تزعم هؤلاء ليهود خيبر كافيًا في جرها إلى الصراع والتصدي والانتقام من المسلمين، فقد كان يدفعهم حقد دفين ورغبة قوية في العودة إلى ديارهم داخل المدينة، وكان أول تحرك قوي ما حدث في غزوة الأحزاب، حيث كان لخيبر وعلى رأسها زعماء بني النضير دور كبير في حشد قريش والأعراب ضد المسلمين وتسخير أموالهم في ذلك، ثم سعيهم في إقناع بني قريظة بالغدر والتعاون مع الأحزاب (?) , بل إنهم أنفقوا أموالهم واستغلوا علاقاتهم مع يهود بني قريظة من أجل نصرة الأحزاب وطعن المسلمين في ظهورهم (?) , وهكذا أصبحت خيبر مصدر خطر كبير على المسلمين ودولتهم النامية.

تفرغ المسلمون بعد صلح الحديبية لتصفية خطر يهود خيبر الذي أصبح يهدد أمن المسلمين، ولقد تضمنت سورة الفتح التي نزلت بعد الحديبية وعدًا إلهيًّا بفتح خيبر وحيازة أموالها غنيمة (?) , قال تعالى: (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا - وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا) [الفتح:20، 21].

ثانيًا: مسير الجيش الإسلامي إلى خيبر:

سار الجيش إلى خيبر بروح إيمانية عالية على الرغم من علمهم بمنعة حصون خيبر وشدة بأس رجالها وعتادها الحربي، وكانوا يكبرون ويهللون بأصوات مرتفعة، فطلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفقوا بأنفسهم قائلا: «أيها الناس .. إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم» (?).

وكان سيره صلى الله عليه وسلم بالجنود ليلا، فقد قال سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً (?)، وكان عامر بن الأكوع يحدو بالقوم ويقول:

اللهم لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فاغفر فداء لك ما اتقينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

وألقين سكينة علينا ... إنا إذا صيح بنا أتينا

وبالصياح عولوا علينا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015