د- أما فكرة أن الجهاد إنما شرع للدفاع عن المسلمين، فهي فكرة دخيلة, وقد تصدى لها سيد قطب (?) -رحمه الله- ففندها، وبين أن سبب نشوئها هو الانهزام أمام هجمات المستشرقين، وعدم الفهم لمرحلية الدعوة (?).
5 - المطلق يجري على إطلاقه:
هذه قاعدة أصولية يؤيدها ما رواه ابن هشام عن أبي عبيد أنه قال: عن بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لما قدم المدينة: ألم تقل يا رسول الله إنك تدخل مكة آمنًا؟ قال: «بلى, أفقلت لكم من عامي هذا؟» قالوا: لا، قال: «فهو كما قال لي جبريل عليه السلام» (?). وفي هذا الأثر، تبشير المؤمنين بفتح مكة في المستقبل, وإيماء بالوحي الصادق إلى ذلك النصر، ولفت لهم إلى وجوب التسليم لأمره، بإطلاق، كما ورد مطلقًا، دون تحميله زيادات وقيودًا تصرفه عن إطلاقه (?).
6 - وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره وإن خالف ظاهر ذلك القياس أو كراهته النفوس:
جاء في قصة الحديبية أن عمر بن الخطاب وبعض الصحابة -رضي الله عنهم- كرهوا الصلح مع قريش (?) , لما رأوا في شروطها من الظلم والإجحاف في حقهم، لكنهم ندموا بعد ذلك على صنيعهم, ورأوا أنهم وقعوا في حرج، إذ كيف يكرهون شيئًا رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظلت تلك الحادثة درسًا لهم فيما استقبلوا من حياتهم، وكانوا يحذرون غيرهم من الوقوع فيما وقعوا فيه من الاعتماد على الرأي (?)؛ فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: (أيها الناس اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي اجتهادًا, فوالله ما آلو عن الحق وذلك يوم أبي جندل) (?).
وكان سهل بن حنيف - رضي الله عنه - يقول: اتهموا رأيكم, رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته (?).
ولقد بقي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - برهة من الزمن متخوفًا أن ينزل الله به عقابًا للذي صنع يوم الحديبية.