ب- حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يبقى الاتصال مفتوحًا بينه وبين قريش، ليسمع منهم ويسمعوا منه بواسطة الرسل، والسفراء، وفي هذا تقريب للنفوس وتبريد لجو الحرب، وإضعاف لحماسهم نحو القتال.
ج- حرص صلى الله عليه وسلم على أن تدرك خزاعة بقيادة بديل والركب الذي معه أن حليفهم قوي, فتزداد ثقتهم به وحلفهم له ولبني هاشم من قبل الإسلام، فقد بقي ولم يُلْغَ، وتأكد في صلح الحديبية.
د- إن العقلاء الذين يفكرون بعقولهم حين يسمعون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه جاء معظمًا للبيت، والمشركون يردونه، وهو يصر على تعظيمه، سيقف هؤلاء بجانبه ويتعاطفون معه فيقوى مركزه، ويضعُف مركز قريش الإعلامي والديني في نفوس الناس.
هـ- إن مشركي مكة لم يطمئنوا إلى كلام بديل الذي نقله إليهم؛ ذلك لأنهم يعلمون أن خزاعة كانت عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشعرون بودّ خزاعة للرسول والمسلمين (?).
وويؤخذ من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لبديل بن ورقاء حسن التلطف في الوصول إلى الطاعات, وإن كانت غير واجبة، ما لم يكن ذلك ممنوعًا شرعًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب المشركين لما طلبوا منه، ولم يظهر لهم ما في النفوس من البغض لهم والكراهية فيهم لطفًا منه عليه السلام فيما يؤمل من البلوغ إلى الطاعة التي خرج إليها (?).
2 - سفارة عروة بن مسعود الثقفي:
لم تقبل قريش ما نقله بديل بن ورقاء الخزاعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاء زائرًا للبيت ولم يأت مقاتلاً، واتهمتهم، بل وأسمعتهم ما يكرهون, فاقترح عليهم عروة بن مسعود الثقفي أن يقابل الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمع منه، ثم يأتيهم بالخبر اليقين (?). وقد ذكر ذلك البخاري في صحيحه فقال: ... فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى, قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ (?)، فلما بلحوا (?) عليَّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوني آتيه، قالوا: ائته فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوًا من قوله لبديل (?) , فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل