أو مجتمع لا يعني خلوه من أي فضيلة, فمكة مجتمع جاهلي هيمنت عليه عبادة الأوثان والمظالم والأخلاق الذميمة كالظلم والزنا والربا، ومع هذا كان فيه رجال أصحاب نخوة ومروءة يكرهون الظلم ولا يقرونه، وفي هذا درس عظيم للدعاة في مجتمعاتهم التي لا تحكِّم الإسلام، أو تحارب الإسلام (?).
3 - إن الظلم مرفوض بأي صورة، ولو وقع الظلم على أقل الناس (?)، إن الإسلام يحارب الظلم ويقف بجانب المظلوم دون النظر إلى لونه ودينه ووطنه وجنسه (?).
4 - جواز التحالف والتعاهد على فعل الخير وهو من قبيل التعاون المأمور به في القرآن الكريم قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2]، ويجوز للمسلمين أن يتعاقدوا في مثل هذا الحال لأنه تأكيد لشيء مطلوب شرعًا، على ألا يكون ذلك شبيهًا بمسجد الضرار، بحيث يتحول التعاقد إلى نوع من الحزبية الموجهة ضد مسلمين آخرين ظلمًا وبغيًا، وأما تعاقد المسلمين مع غيرهم على دفع ظلم أو في مواجهة ظالم، فذلك جائز لهم، على أن تلحظ في ذلك مصلحة الإسلام والمسلمين في الحاضر والمستقبل، وفي هذا الحديث دليل (?). والدليل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أحب أن لي به حمر النعم» (?) لما يحقق من عدل، ويمنع من ظلم، أو النكث به مقابل حمر النعم، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» (?) طالما أن يردع الظالم عن ظلمه, وقد بين صلى الله عليه وسلم استعداده للإجابة بعد الإسلام لمن ناداه بهذا الحلف (?).
5 - وعلى المسلم أن يكون في مجتمعه إيجابيًا فاعلاً، لا أن يكون رقمًا من الأرقام على هامش الأحداث في بيئته ومجتمعه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محط أنظار مجتمعه، وصار مضرب المثل فيهم، حتى ليلقبوه بالأمين وتهفو إليه قلوب الرجال والنساء على السواء بسبب الخلق الكريم الذي حبا الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم، وما زال يزكو وينمو حتى تعلقت به قلوب قومه, وهذا يعطينا صورة حية عن قيمة الأخلاق في المجتمع، وعن احترام صاحب الخلق ولو في المجتمع المنحرف (?).
* * *