بدورها مرتبطة بمعاهدة سلام مع أعداء الدولة الإسلامية بشرط أن لا تجاوز تلك المعاهدة إلى الاتفاق على أن تنصر الدولة المعاهدة للمسلمين تلك الدولة العدو إذا ما اشتبكت مع المسلمين في قتال، ويجوز للدولة الإسلامية أن تترك قتال أعداءها بعد أن تستعد لذلك استجابة لوساطة دولة أخرى، إذا لم يترتب على ذلك ضرر للمسلمين (?).
كانت نتائج سرية حمزة - رضي الله عنه - على المعسكر الوثني سيئة للغاية، حيث هزت كيان قريش وبثت الرعب في نفوس رجالها، وفتحت أعينهم على الخطر المحدق بهم والذي أصبح يهدد طريق تجارتهم وقوتهم الاقتصادية (?)، فقد قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفه عن حمزة: يا معشر قريش إن محمدا قد نزل يثرب وأرسل طلائعه، وإنما يريد أن يصيب منكم شيئاً، فاحذروا أن تمروا طريقه، وأن تقاربوه فإنه كالأسد الضاري، إنه حنق (?) عليكم نفيتموه نفي القردان (?) على المناسم (?)، والله إنه له لسحرة، ما رأيته قط ولا أحدا من أصحابه إلا رأيت معهم الشياطين، وإنكم عرفتم عداوة ابني قيلة (?) فهو عدو استعان بعدو (?).
8 - سرية عبد الله بن جحش وما فيها من دروس وعبر:
إن سرية عبد الله بن جحش حققت نتائج مهمة وفيها دروس وعبر وفوائد عظيمة منها:
أ- جاء في خبر هذه السرية أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتاباً وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، وهذا مثل لتطبيق مبدأ مهم من مبادئ الحرب، وهو إخفاء الخطط الحربية، ومنها خط السير، حتى يكون الجيش في أمان من كيد الأعداء، فالمدينة كانت آنذاك تضم اليهود والوثنين ومن المتوقع أن يسارع هؤلاء إلى إخبار أهل مكة بخط سير تلك السرية الموجهة ضدهم، فلما سار أفراد السرية وهم بأنفسهم لا يعلمون اتجاههم أصبح النبي صلى الله عليه وسلم آمنا من انكشاف الهدف المقصود (?).
وإن الباحث ليرى أثر التربية النبوية في هذه السرية المباركة حيث سمعوا وأطاعوا جميعا وساروا إلى منطقة أعدائهم، وتجاوزوها حتى أصبحوا من ورائهم، وهذا شاهد على قوة إيمان الصحابة رضي الله عنهم، واستهانتهم بأنفسهم في سبيل الله تعالى (?).