كانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أنه قام فيهم، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال:
«أما بعد: أيها الناس فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ، ثم ليقولن له ربه، وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دون: ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا، وأفضلت عليك، فما قدمت لنفسك؟ فلينظرن يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم لينظرن قُدامه فلا يرى غير جنهم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإنها بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته».
ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقال:
«إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنه أحسن الحديث وأبلغه أحبوا من أحبه الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنه من كل ما يخلق الله؛ يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله، إن الله يغضب إن نكث عهده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» (?).
لما تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بأمر الله تعالى، وذلك بعد ستة عشر شهراً من هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (?) بقي حائط القبلة الأولى في مؤخر المسجد النبوي، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فظلل أو سقف وأطلق عليه اسم الصفة أو الظلة (?) ولم يكن له ما يستر جوانبه (?).