قالت: فعدد عليه أمور الإسلام .. فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به. فعبدنا الله وحده, فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وشقَّوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا, خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.

قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي، فاقرأه عليَّ؟

فقرأ عليه صدرًا من (كهيعص) قالت: فبكى والله النجاشي، حتى أخضل (?) لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم.

ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أُسلِمُهم إليكم أبدًا ولا أكاد.

3 - محاولة أخرى للدس بين المهاجرين والنجاشي:

قالت أم سلمة: فلما خرجا (عمرو بن العاص, وعبد الله بن أبي ربيعة) من عنده قال عمرو بن العاص: والله لأنبئنه غدًا عيبهم عنده، ثم أستأصل به خضراءهم (?) قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة، وكان أتقى الرجلين فينا، لا تفعل، فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا.

قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه الغد فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيمًا فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه، قالت: ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه، ما قال الله، وما جاء به نبينا كائنًا في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه، قال لهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟

فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه, وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء (?)، البتول (?).

قالت: فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثم قال: ما عدا عيسى ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015