واسعة تتسع لجلوس ثمانين ألف شخص، يتفرجون فيها على مصارعات بين الرجال والرجال أحيانًا، وبين الرجال والسباع أحيانًا أخرى، وكانوا يقسمون الجماهير في لونين: لون أزرق ولون أخضر، لقد كانوا يحبون الجمال، ويعشقون العنف والهمجية، وكانت ألعابهم دموية ضارية أكثر الأحيان، وكانت عقوبتهم فظيعة تقشعر منها الجلود، وكانت حياة سادتهم وكبرائهم عبارة عن المجون والترف، والمؤامرات والمجاملات الزائدة، والقبائح والعادات السيئة» (?).
كانت الإمبراطورية الفارسية تعرف بالدولة الفارسية أو الكسروية، وهي أكبر وأعظم من الإمبراطورية الرومانية الشرقية، وقد كثرت فيها الديانات المنحرفة كالزرادشتية والمانية التي أسسها ماني في أوائل القرن الثالث الميلادي، ثم ظهرت المزْدكية في أوائل القرن الخامس الميلادي التي دعت إلى الإباحية في كل شيء؛ مما أدى إلى انتشار ثورات الفلاحين وتزايد النهابين للقصور فكانوا يقبضون أو يأسرون النساء ويستولون على الأملاك والعقارات فأصبحت الأرض والمزارع والدور كأن لم تسكن من قبل.
وكان ملوكهم يحكمون بالوراثة، ويضعون أنفسهم فوق بني آدم، لأنهم يعتبرون أنفسهم من نسل الآلهة، وأصبحت موارد البلاد ملكًا لهؤلاء الملوك يتصرفون فيها ببذخ لا يتصور, ويعيشون عيش البهائم، حتى ترك كثير من المزارعين أعمالهم أو دخلوا الأديرة والمعابد فرارًا من الضرائب والخدمة العسكرية، وكانوا وقودًا حقيرًا في حروب طاحنة مدمرة قامت في فترات من التاريخ دامت سنين طوال بين الفرس والروم لا مصلحة للشعوب فيها إلا تنفيذ نزوات ورغبات الملوك (?).
اتفقت كلمة المؤرخين على أن أحط أدوارها ديانة وخلقا واجتماعا وسياسة - ذلك العهد الذي يبتدئ من مستهل القرن السادس الميلادي، فانتشرت الخلاعة حتى في المعابد؛ لأن الدين أعطاها لونًا من القدس والتعبد، وكانت المرأة لا قيمة لها ولا عصمة، وانتشرت عادة إحراق المرأة المتوفى زوجها، وامتازت الهند عن أقطار العالم بالتفاوت الفاحش بين طبقات الشعب، وكان ذلك تابعا لقانون مدني سياسي ديني وضعه المشرعون الهنديون الذين كانت لهم صفة دينية، وأصبح هو القانون العام في المجتمع ودستور حياتهم، وكانت الهند في حالة فوضى وتمزق, انتشرت فيها الإمارات التي اندلعت بينها الحروب الطاحنة، وكانت بعيدة عن أحداث عالمها في عزلة واضحة يسيطر عليها التزمت والتطرف في العادات والتقاليد, والتفاوت الطبقي والتعصب الدموي والسلالي، وقد تحدث مؤرخ هندوكي- أستاذ