كانت قصة إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه قصة لطيفة طويلة، سآخذ منها ما يفيد الموضوع.
أخذ سيدنا علي بن أبي طالب أبا ذر الغفاري ليعرفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي أيضاً كان في منتهى الحرص، كان يقول لـ أبي ذر: إن رأيت شيئاً أخاف عليك منه قمت كأني أريق الماء، أي: أتبول، وفي رواية: كأني أصلح نعلي، فأخذه وذهب به لمقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت الحرام أثناء الطواف ليلاً، لم يذهب به إلى دار الأرقم فهو لم يطمئن إليه بعد، وأبو ذر من قبيلة غفار المشهورة بقطع الطريق، فهو فعلاً أمره غير مأمون إلى أن يستوثق تماماً من إيمانه، فعندما ذهب أبو ذر يكلم الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أولاً: من أين أنت؟ فقال أبو ذر: من غفار هنا الرسول صلى الله عليه وسلم شعر بالقلق، يقول أبو ذر: (فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجهي، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار) يعني: عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن أبا ذر من قبيلة خطيرة، ومع ذلك وضح له أمر الإسلام، لكن لم يعرفه على خبيئة من خبايا المسلمين الموجودة في مكة؛ حرصاً وحذراً، وحساً أمنياً راقياً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.