هدم صنم اللات بالطائف

عاد وفد ثقيف إلى الطائف، وبعد محاورات وجدال مع ثقيف قبلت ثقيف بالإسلام، وبعدها بقليل جاءت السرية الإسلامية المكلفة بهدم صنم اللات، وكان على رأسها ثلاثة من أبطال المسلمين، كل واحد منهم له دلالة خاصة جداً.

البطل الأول: خالد بن الوليد رضي الله عنه، سيف الله المسلول وأعظم القواد للجيش الإسلامي؛ ولأن المهمة شديدة الخطورة تحتاج إلى رجل كفء لا يهاب الموت، ودخول الطائف وهدم صنم اللات أمر غير مأمون مطلقاً؛ لذلك لا بد أن يكون هناك أحد صناديد الإسلام على رأس هذه السرية.

البطل الثاني: المغيرة بن شعبة الثقفي وهو من ثقيف، وأهل الطائف أدرى بشعابها، وسيقف البطن الذي ينتمي إليه المغيرة بن شعبة الثقفي من قبيلة ثقيف، وهو بطن بني معتب سيقف في حراسة المسلمين وهم يهدمون الصنم؛ لكي لا يتهور أحد ويقتل المغيرة بن شعبة، كما حدث قبل ذلك مع عروة بن مسعود الثقفي، يعني: هناك أخذ بالأسباب لحماية الوفد قدر المستطاع.

البطل الثالث: أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه، وكان قد حسن إسلامه، وأصبح قوة أدبية وسياسية كبيرة جداً في الدولة الإسلامية، وفي هذا إشارة واضحة جداً لكل العرب أن يذهب زعيم الوثنية السابق في الجزيرة العربية أبو سفيان بعد أن أسلم لهدم صنم الطائف، بعد أن هدمت أصنام مكة وغيرها قبل ذلك.

ودخلت السرية الإسلامية الطائف، واجتمع أهل الطائف جميعاً لرؤية ما سيحدث لصنمهم، وهناك أناس كثيرون كانوا يظنون أن الربة (اللات) ستنتقم لنفسها، فهم ما زالوا إلى الآن في شك من الإسلام واعتقاد في اللات، وما هي إلا لحظات حتى سقطت اللات تحت معاول أبطال المسلمين، وتجلت الحقيقة التي غابت عن عيون وأذهان أهل الطائف عشرات بل مئات السنين، وأدركوا أنه قد آن الأوان للانتقال من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان.

إذاً: إسلام الطائف كان جائزة كبيرة جداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد صبر سنوات طويلة جداً، وأوذي من الطائف أشد الإيذاء، ومع ذلك ظلت رسالته نقية، والعاقبة للمتقين.

ومرت الأيام والسنوات وذهب الألم وبقي الأجر إن شاء الله، وأثمر جهدُ السنين إسلامَ مدينة عظيمة ثابتة على الإسلام وهي الطائف.

وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ارتدت جزيرة العرب إلا ثلاث مدن فقط في الجزيرة العربية، كان منها الطائف، لتحقق الأمنية الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

ما أعظمها من أمنية، وما أسعده من نصر تحقق ورآه صلى الله عليه وسلم بعينيه، وما أجملها من نهاية لقصة إسلام مدينة الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذاً: كان هذا هو الوفد الأول الذي جاء إلى المدينة المنورة بعد عودة الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة من تبوك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015