قرر الرسول عليه الصلاة والسلام بعد هذه الغزوة قرر العودة إلى المدينة المنورة، وعاد في شهر رمضان في سنة (9) هـ، وفي أثناء العودة كانت هناك محاولة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل المنافقين عند منطقة العقبة، ولكن كان بصحبة الرسول عليه الصلاة والسلام حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، ودافعا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام دفاعاً شديداً، وهرب المنافقون دون أن يتبين الصحابيان الجليلان ملامح المنافقين؛ وذلك لأن المنافقين كانوا ملثمين، ومع أن الرسول عليه الصلاة والسلام عرف بعد ذلك عن طريق الوحي أسماء المنافقين الذين قاموا بمحاولة القتل، إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم يقم عليهم حداً، ولم يأمر قبائلهم بالإتيان بهم، وذلك لأمور: أولاً: حتى لا يتحدث الناس أن محمداً صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه.
ثانياً: أنه لا يملك بينة على أنهم هم الذين حاولوا قتله.
والبينة المقصودة هنا هي البينة الشرعية، وليست البينة عن طريق الوحي، يعني: كدليل محسوس أو قرينة أو شهادة شهود، كل ذلك ليعلمنا ألا نقيم حداً أو حكماً على أحد إلا ببينة، مع أنه متأكد تمام التأكد من أسمائهم عن طريق الوحي، لكن هذا هو العدل، ولا أعتقد أن هناك مستوىً من العدل في أي دولة من دول العالم أرقى من هذا المستوى الذي رأينا في موقف الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم نرى في الأرض زعيماً يعلم علماً يقينياً أن هناك مجموعة دبروا محاولة لاغتياله ثم هو يتجاوز عنهم ولا يؤذيهم بأي صورة من صور الإيذاء؛ لأنه لا يملك أدلة قوية تدينهم أو تثبت الجريمة عليهم.