بعد هذه الفتوح انتقل اليهود إلى الحصن الذي يليه، الذي هو: حصن قلعة أبي، وهو أحد حصون منطقة الشق، فبعد أن فتحت منطقة النطاة كلها بقيت منطقة الشق وفيها حصنان: أبي، والنزار، ودار قتال عنيف حول قلعة أبي إلى أن فتحت بنفس الطريقة، حصار ثم قتال، ثم هرب اليهود إلى الحصن الذي يليه، الذي هو حصن النزار.
وهذا الحصن الخامس وقف الرسول عليه الصلاة والسلام محاصراً له عدة أيام؛ لأنه كان أمنع الحصون الخمسة، لذلك وضع اليهود في ذلك الحصن الذراري والنساء، وظنوا أنه من المستحيل أن يفتح، ولذلك استمر الحصار فترة طويلة من الزمان بالقياس إلى ما قبله، وما استطاع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يفتح الحصن، فلجأ عليه الصلاة والسلام إلى طريقة جديدة في الحرب، أتى بالمنجنيق، وكان المسلمون قد استولوا عليه من بعض الحصون اليهودية السابقة، يقال: كان في حصن الصعب بن معاذ، فنصب رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجنيق وبدأ يقصف الحصن بقذائف من بعد، حتى أحدث خللاً في بعض الجدران لهذا الحصن، ومن هذا الخلل تسلل المسلمون إلى داخل الحصن ودار قتال من أعنف أنواع القتال في داخل الحصن، وكتب الله عز وجل النصر للمسلمين، وفتح الحصن العظيم حصن النزار، وهرب منه بقية اليهود إلى حصون المنطقة الأخرى التي اسمها الكتيبة، وتركوا خلفهم النساء والأطفال وكل شيء.